يعرف القتل الأبيض بأن يقوم القاتل بقتل من يريد دون أستخدام سلاح ويتم ذلك بعد دراسة تفصيلية ودقيقة لشخصية من يراد قتله ومن الواضح أن أعداء مصر فى الخارج والداخل درسوا حالة مصر جيدا بعد الثورة ووضعوا أيديهم على نقاط الضعف فى المجتمع المصرى ليتم نشر الفوضى ووقف الأنتاج لتصعد مصر إلى الهاوية وتذهب أدراج الرياح وللأسف الكثير من أبناء مصر ينساقون دون قصد إلى ما يريده أعدائها تحت شعار الحرية والعدالة الأجتماعية وحقوقهم الضائعة منذ ثلاثين عاما .
والنظام السابق ترك للثورة المصرية ميراث ثقيل من الملفات التى تؤدى إلى تقويض مصر على رأسها الملف الأقتصادى المرتبط أرتباطا كليا بالخارج وفساد بالداخل والملف الأمنى الذى قام بتحطيمة قبل رحيله لنشر الفوضى فى مصر وملف البلطجة التى تربت وترعرعت على أيدى النظام السابق وملف البدو فى سيناء وأهل النوبة فى الجنوب وملف الفتنة بين المسلمين والمسحيين وعلاقات عربية وأقليمية مبنية على الشك والريبة وعلاقات أفريقية مبنية على الكراهية .
هذا هو الأرث الذى ورثته الثورة من النظام السابق خيبه الله وإن كان المجلس العسكرى وحكومة شرف أيقنت من اللحظة الأولى كل نقاط الضعف التى من خلالها يستطيع الأعداء فى الخارج والداخل التلاعب بها لتقويض مصر وأضعفها فقاما بأرسال وفود شعبية إلى دول أفريقية وعربية وأقليمية لطمئنتها وفتح صفحة جديدة معها وأقروا بحق الشعوب العربية فى الحصول على حريتهم وقام شرف بزيارات مكوكية إلى الدول التى تمس الأمن القومى المصرى ونجح فى أبرام أتفاقيات مع بعضها وعلى المستوى الداخلى نجحوا فى أخماد ملف الفتنة الطائفية وفى الحقيقة أن العقلاء من المسلمين والمسحيين كانوا سببا رئيسيا فى أخماد هذا الملف وإن كانت تظهر بين الحين والآخر بعض الأحداث من المتشددين من الطرفين إلا أن اغلبية المصريين من الطرفين لا ينساقون وراء تلك الفتن وسرعان ما يتم أخمادها أما بالنسبة لملفين البدو وأهل النوبة فقد أثبتا ولائهما لمصر وأن محاولات الأعداء لأثارة النعرة القبيلية أصبحت هباء منثورا وتفهما المجلس العسكرى والحكومة المشاكل التى يعانان منها ووعدا بحلها .
أما بالنسبة للملف الأمنى فأنه يتحسن وإن كان ببطىء وذلك طبيعيا لحالة الأنكسار التى أصابت جهاز الشرطة والحرب الأعلامية التى تشن عليه من بعض القنوات الفضائية الخاصة ومحاولة البعض الأصتدام به وخلق مشاكل وورغم ذلك نلاحظ تحسن ملموس فى الشارع وإن كان لم يصل إلى العمل بكل قوته .
ورأى الأعداء أن كل خططهم تتحطهم على صخرة قوية أسمها المؤسسة العسكرية فلماذا لا يتم التخلص منها أولا ؟ لتصبح مصر لقمة سائغة للأكلين فأثاروا الشك بين القوى السياسية والمجلس العسكرى بأن المجلس العسكرى يتبطأ لشيئا فى نفسه وأنه لا يريد تسليم السلطة للمدنيين فأخذ الحماس بعض الشباب وحاولوا محاصرة وزارة الدفاع ففجئوا بأن الشعب يتصدى لهم بما يعرف بموقعة العباسية ثم حاولوا مرة آخرى فى جمعة أسترداد الثورة فلقيهم نفس المصير .
والنجاح الذى يحققه الأعداء حتى الآن هو أثارة الأعتصامات الفئوية لأن مطالبها حق وتتم بأيدى المصريين أنفسهم ولكنها تحقق أغراض كثيرة لأعداء الثورة منها على سبيل المثال :-
1- أظهار مصر للعالم الخارجى بأن الفوضى تعمها من مشرقها إلى مغربها ومن شمالها إلى جنوبها وأصبحت فى مصر قنوات فضائية متخصصة لذلك فلو تظاهر أثنان فى أحدى المحافظات تركز عليهما وكأن المحافظة كلها تتظاهر .
2- التركيز على أن الأعتصامات الفئوية تسد الشوارع وتقطع الطرق يؤدى إلى رسم صورة فى الأذهان أن مصر ما زالت تفقد الجانب الأمنى .
3- تستنزف الأعتصامات الفئوية ملايين الجنيهات المصرية يوميا مما يؤدى إلى أرتفاع عجز الموازنة وعجز فى الناتج المحلى .
4- أدت الأعتصامات الفئوية إلى أنخفاض مأسوى للمستثمرين والسياح بمصر .
إن الأعتصامات الفئوية تقتل الثورة المصرية ويخرب المصريون بيوتهم بأيديهم وينفذون مخططات الأعداء دون قصد متعمد ولكن يؤدى فى النهاية إلى القتل الأبيض لمصر .
إن مصر تمر بمرحلة حرجة للغاية وإذا لم يتكاتف أبنائها لأنقذها فلا منقذ لها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق